اعجاز وصف تحركات الرياح








تم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنة
www.nooran.org

ونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة
-----------------------


أوجه من إعجاز القرآن الكريم في وصف تحركات الرياح


د. أحمد عبد الله مكي - جامعة الملك عبد العزيز



     كان في جميع الحضارات والأمم السابقة خرافات ومعتقدات خرافية عن الرياح وكان يسود الظن بأن هناك آلهة مختلفة للرياح والعواصف, وجاء القرآن الكريم ليبين مباشرة بأن الرياح بيد الله الواحد وأنها مسخرة بإذنه متناسقة مع باقي المسخرات وتسير بنظم ثابتة في هذا الكون ليؤازر بعضها بعضًا.


والسؤال الآن: ما هي الرياح؟ أو ما هو الريح؟


والجواب: جاء على لسان من علمهم القرآن من زمن بعيد أن الريح هي: (حركة أجسام لطيفة غير مرئية). أما المصطلح العلمي للرياح الآن فهو: ( حركة جزيئات الهواء والغازات المكونة للغلاف الجوي, والرياح توصف ككمية موجهة لها سرعة واتجاه).


    ومن آيات الله أن جعل في هذه الجزيئات الخفيفة القوة الخارقة التي تقلع الأشجار, وتهدم الديار, والآن تستخدم في رفع الأثقال وتكسير الأحجار, وهي أيضا الرياح اللطيفة التي تنقل الروائح الجميلة وعبير الأزهار وتنقل حبوب اللقاح وتسوق السحاب - بإذن الله.


    وجاء ذكر كلمة (رياح) في القرآن الكريم عشر مرات وذكر لفظة (ريح) أربع عشرة مرة, ولفظ (ريحًا) أربع مرات. وجاء ذكر الرياح مجموعة دائما مع الرحمة (مبشرات, حاملات, مرسلات, ناشرات, ذاريات, لواقح).


    وإن كل مرة ذكر فيها الريح مفردة تكون مقترنة بالعذاب (عاصف, قاصف, عقيم, صرصر). إلا في سورة يونس في قوله تعالى: {جرين بهم بريح طيبة} (الآية 22), وسورة يوسف في قوله تعالى:{ لما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون}(الآية 94).


    فورود كلمة الرياح مع الجمع تعني أن الرياح بهذه الصفة المقرونة بها قد يحدث في نفس الوقت على أماكن أخرى من الكرة الأرضية مثل تصريف الرياح أو يرسل الرياح فهي كمرسلات هنا وهناك ناشرات في نصف الكرة الشمالي والجنوبي في نفس الوقت.


    أما الإفراد فإنها تأتي بمواصفات خاصة كجسد واحد يؤدي غرضا محدودًا, فريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء تؤدي غرضاً بعينه, وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعو إن هبت الريح: "اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحا"


علم الأرصاد اليوم مع الرياح


( أ ) الرياح على مدى الكرة الأرضية:


    درس علماء الأرصاد الرياح الآن ومنذ أكثر من قرن واهتموا برصد حركتها ودورانها وتجمعها وتفرقها على سطح الأرض وفي طبقات الجو العليا بواسطة البالونات وأجهزة (الراديوسوند والرادرات) والأقمار الصناعية, فوجدوا أن هناك نظامًا عامًّا للرياح, وهذا ما يسمى بالدورة العامة للرياح ترتبط بحركة الأرض حول الشمس وحركة الأرض حول نفسها, يعني اختلاف الليل والنهار, وهناك علاقة بين الرياح والسحاب كل منهما مرتبط بالآخر حيث إن كل البرامج والنماذج الحسابية لتقدير سرعة الرياح في طبقات الجو العليا بواسطة الأقمار الصناعية تعتمد في حساباتها على حركة السحاب, وهذا ما يعبر عنه في اللفظ القرآني {وتصريف الرياح }(البقرة 164).


ولقد توفرت معلومات عن الرياح على المستوى الشامل للكرة الأرضية, منذ عدة قرون نتيجة لخبرات مختلفة من المشتغلين بالبحر, وسوف يتناول هذا المبحث فحصاً لأنواع الرياح التي تحدث حول الكرة الأرضية وغلافها الجوي, ويتم وصف الأنواع المختلفة للرياح من خلال القوى التي تحدثها, ومن خلال نوعيات خاصة من الرياح.  
















     وأن النظر إلى الأرض من الفضاء (شكل 1) يظهر كثيرا من عينات السحب, وترتبط هذه العينات بعناصر جوية منها: الضغط الجوي, الرياح, الحرارة, الرطوبة, وتحدث هذه العناصر على عدة مقاييس, ومن الملائم أن نتعامل مع المقاييس المختلفة, عندما نصف الرياح في الغلاف الجوي, وتتضمن المقاييس المختلفة لرياح الغلاف الجوي: الدورة العامة للرياح حول الأرض, وهذا هو المقياس (المدى) الكلي لكرة الأرض (Globale والرياح على المقياس (المدى) الكتل الهوائية (السينوبتيكي), والرياح على المقياس المحلي, والرياح على المستوى الدقيق.


 (ب) الدورة العامة للرياح في الغلاف الجوي:


    تعد الدورة العامة للرياح مقياساً عاماً لحركة الجو, وتتكون من: الرياح على مستوى الكرة الأرضية التي تنتج من التأثير المشترك للتوازن الإشعاعي, وانتقال الحرارة عبر خطوط العرض, ودوران الأرض, بالإضافة إلى الاختلافات في طبيعة سطح الأرض في الأماكن المختلفة, ويقدم الإشعاع الشمسي الطاقة لدورة الرياح, إذ يسقط الإشعاع الشمسي أكثر مباشرة على منطقة خط الاستواء منه على القطبين فيتزايد الإشعاع الشمسي قرب خط الاستواء, ويتناقص قرب القطبين, وينتج عن ذلك – بوجه عام - حركة صاعدة قرب خط الاستواء, وحركة هابطة قرب القطبين, وقد فكر العلماء في البداية أن دورة بسيطة مثل تلك المبينة في (شكل 2) تعد تمثيلاً صحيحاً للدورة الفعلية, وقد شرح جورج هادلي في عام (1753م) الرياح التجارية, وطبقا لتصوره فإن الهواء الساخن يتصاعد عند خط الاستواء الأرضي, ويندفع الهواء تحت المداري ليملأ الفراغ, ويعمل دوران الأرض إلى دفع الهواء المتحرك باتجاه الغرب, وبهذا توجد الرياح التجارية.  وفي شكل (3) صورة لخطوط سريان الرياح تم حسابها كنموذج عدد من صور الأقمار الصناعية لحركة السحب.  
















     ولم يكن ممكناً أن يتوفر فهم عالمي للرياح إلا في الأزمنة القريبة أثناء القرن الحالي, إذ كان من العسير في الماضي أن يتم وضع منطقة بهذا القدر من الاتساع تحت الملاحظة ولم يكن ممكنا لأي راصد في أحد المواقع أن يجمع معلومات عن مناطق أخرى. ويفهم العلماء الآن أن الدورة الفعلية لها ثلاث خلايا بين خط الاستواء وكل قطب كما هو مبين في (شكل 3) وبين الشكل كذلك مناطق الحركة في اتجاه الشرق(ش) واتجاه الغرب (غ). ومناطق الحركة إلى الشرق وإلى الغرب هي نتيجة لحفظ العزم الزاوي فوق أرض تدور, فإذا تحركت كتلة من الهواء ناحية القطب, فإنها لا بد أن تنحرف شرقاً للمحافظة على عزمها الزاوي. وبالمثل فإن الهواء المتحرك في اتجاه خط الاستواء, يجب أن ينحرف في اتجاه الغرب, ذلك في نصف الكرة الشمالي والعكس في نصف الكرة الجنوبي- ويؤدي ذلك إلى إمداد الرياح بقوة حول الأرض تتغير من مكان إلى مكان مع خطوط العرض ودرجة الحرارة والنتيجة هي دورة عامة للرياح حول الأرض (شكل 3) ذات ثلاثة أحزمة أو لفات كبيرة من الهواء, بين خط الاستواء والقطب, والأحزمة الأقرب إلى خط الاستواء لها رياح سطحية شرقية (رياح تجارية) أما الأحزمة الوسطى فلها رياح غربية (غربيات) وخلية القطب لها رياح شرقية.


    ويبين (شكل 4) توزيع الإشعاع الشمسي عند اتصاله مع الغلاف الجوي ونرى هنا أن الإشعاع الشمسي القادم يمتص جزئياً, ويتشتت أو ينعكس عن طريق الغلاف الجوي, كما يمتص أو يعكس بواسطة السحب, وما تبقى يمتصه سطح الأرض, ويطلق سطح الأرض الساخن, والغلاف الجوي المسخن معا, موجات طويلة من الأشعة تحت الحمراء, وبعض هذا الإشعاع يتسرب إلى الفضاء.


    وأخيـرًا فإن بعض الحرارة تخرج من سطح الأرض عن طريق الانتقال المباشر لها بالتوصيل وغير ذلك من الحرارة الكامنة في بخار الماء. وقد تتغير كثيـرًا ظروف التوازن العالمي (Globle) في الطاقة في مكان ما, تبعاً لتربة السطح وحالة الرطوبة, ووعورة السطح والسحب وعوامل أخرى, وهذه التغيرات ذات المدى المتوسط أو المحلي في خواص السطح, يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على توزيع الرياح في المدى المتوسط أو المحلي في الطقس, ودرجات الحرارة النمطية على سطح الأرض صيفاً أو شتاء هي نتيجة لمتوسط أحوال الأرض, وكمية السحب فوق الأماكن المختلفة, ففي الصيف تسخن اليابسة بسرعة أكبر من المحيطات, وفي الشتاء تحتفظ المحيطات بالحرارة, فتكون أدفأ من اليابسة.


 وتظهر (شكل 5) الفروق المستديمة بين اليابس والمحيط في شهر يناير، وبسبب هذه الفروق الدائمة في الحرارة بين اليابس والمحيط تكون المحيطات مناطق للضغط المنخفض شتاء, بينما تكون الأرض مناطق للضغط الأقل في الصيف, وتنتج هذه التغيرات في الضغط لأن الهواء الساخن أخف كتلة نسبياً, بالمقارنة بالهواء البارد, وبما أن الهواء الساخن يرتفع فإن ضغطاً أقل يتواجد, وينجذب الهواء البارد إلى مناطق الهواء الساخن وتنشئ هذه الفروق في الضغط القوة المحركة الرئيسية للرياح على وجه الأرض, إذ ينساب الهواء من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض, وتقاوم قوتان إضافيتان ميل الهواء للانسياب مباشرة من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض, وهاتان القوتان هما قوة (كوريوليس) والاحتكاك, وقوة كوريوليس هي ببساطة: الاحتفاظ بالعزم الزاوي الذي ذكرنا من قبل مرتبطا مع (شكل 5) وتتطلب قوة كوريوليس أن تتعجل كتلة الهواء في اتجاه الشرق, إذا تحركت ناحية القطب, وأن تتعجل في اتجاه الغرب إذا تحركت ناحية خط الاستواء, ويلاحظ تأثير الاحتكاك بصفة عامة قرب سطح الأرض فقط, ودائما تتوازن قوى الضغط والكوريوليس والاحتكاك, ويكون الاحتكاك دائما في خط معاكس لاتجاه حركة الرياح الناتجة, ونتيجة توازن هذه القوى فإن حركة دورانية تنتشر (شكل 6) خارجة من مراكز الضغط المرتفع إلى المنخفضات (Divergen) أي انتشار والعكس حركة دورانية داخلة عند مراكز الضغط المنخفض وتسمى (Convergen) أي تجمع.


    ويقول القرآن الكريم في هذا المعنى: {والناشرات نشرا فالفارقات فرقًا} (سورة المرسلات آيتان 3, 4) وتبين هاتان الآيتان أن الرياح ستنتشر أولاً, ثم تتفرق(1) (شكل 6)  


    ومن الممكن أيضًا إذا كانت الرياح تحمل معها أي شيء مثل بخار الماء, أو التراب, فإن ذلك أيضًا سوف ينتشر ثم يتفرق (يتوزع) في نفس الوقت, وقد ذكر القرآن الكريم أن هناك توزيعًا تامًّا ومحكمًا للرياح, وذلك في قوله تعالى: { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون }سورة البقرة الآية 164 فهنا تصريف الرياح معطوف على كل من الآيات الكونية الكبيرة التي تخضع لنظام ثابت وبذلك تكون {تصريف الرياح} تعني المعنى الشامل التام لحركة الرياح وارتباطها بهذه الآيات, الليل والنهار والسحاب.


    وفي سورة الجاثية: { واختلاف الليل والنهار وما أنزل من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون }آية 5.


وتبين هاتان الآيتان ما يلي:


1- أن هناك توزيعًا تامًّا للرياح(2).


2- أن هناك قوانين تحكم حركة الرياح.


    وهذه الرياح لا يدركها الرجل العادي بسهولة, وفي الأزمنة الحديثة يعرفها الذين يتلقون تعليمًا خاصًّا, ولديهم إدراك أو تفكير متعمق.


الرياح على المستوى السينوبتكي (عملية الإرسال).


    تعد الرياح على المستوى السينوبتكي ظاهرة جوية ترتبط بالتفاعل بين الكتل الهوائية الخارجة من مراكز المرتفعات الجوية إلى المنخفضات, ويحصل الهواء في مراكز الضغط المنخفض والمرتفع على خواص تعتمد على خصائص سطح الأرض في هذه المناطق.. فمثلاً يكون الهواء دافئًا ورطبًا فوق المحيطات المدارية, ويكون حارًّا جافًّا فوق الصحارى, باردًا جافًا فوق المناطق القطبية, وتتداخل هذه الكتل الهوائية فيما بينها بسبب الرياح, وكنتيجة لهذه التداخلات والاختلافات في اتجاهات الرياح والحرارة في الكتل الهوائية المختلفة, تنشأ الأعاصير, وتتكون السحب, ويمر الإعصار في مراحل, فيبدأ كاضطراب تموجي, ثم يمر بمرحلة نضج, ثم مرحلة الالتحام.  
















 (وشكل رقم 7) تمثيل لإعصار في مرحلة النضج, وتبدو سحب الركام المزن (Cb) التي كثيـرًا ما تتكون قرب الجبهة الباردة (الشكل الأسفل إلى اليسار) وسحب الطبقي المزن (Ns) التي كثيـرًا ما تتكون على الجبهة الساخنة (أسفل إلى اليمين) والجزء الأعلى للشكل يبين منطقة رفع واسع الانتشار, وسحب طبقي مزن من ناحية القطب من الإعصار, وكما يبين (شكل8) فإن تكون الإعصار يصاحبه اضطرابات في الهواء العلوي, وهذه الاضطرابات: عبارة عن ذبذبات تموجية في مجرى الهواء العلوي, عند تقدمه في اتجاه الشرق حول الأرض, ويتعرج التيار النفاث بطريقة تموجية, بحيث يخترق الهواء البارد من الشمال, في اتجاه خطوط العرض الجنوبية, والهواء الساخن من الجنوب, يخترق في اتجاه الشمال, وتحدث هذه الموجات بصفة عامة بالقرب من نشاط السطح الجبهي.  


وشكل حركة الرياح تبينه الآية التالية قال تعالى: {والمرسلات عرفًا} (سورة المرسلات: آية رقم 1), والكلمة: {عرفاً} المستعملة في الآية تعني: أن شكل الرياح تموجي(1), ويمكن أن يرى هذا الأثر الموجي على سطح البحر, وفي تموجات الرمال, أو في حركة موجية لعلم, والمعنى أيضًا يعطي الشكل الدائري, والشبيه بالمنجل في إعصار تام (شكل 7،6).  


    ويقول الله تعالى: { والمرسلات عرفاً . فالعاصفات عصفاً } المرسلات الآيتان 2،1), وروي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبي صالح أن المرسلات والعاصفات والناشرات كلها تعني الرياح, وروى ابن مسعود أن المرسلات عرفا تعني أن الرياح تأتي متوالية كعرف الفرس في امتدادها وتتابعها أي أن الرياح تأتي على شكل تموجي, والعرف هو عرف الفرس أو عرف الديك أو عرف الضبع وإلى هنا وصل مفهوم المفسرين, وربط العرف بالرياح ولكن لو دققنا في لفظ العرف يمكن أن يأتي بمعنى (المكان العالي المتميز) وفي سورة الأعراف في قوله تعالى: {وعلى الأعراف رجال} والأعراف جمع عُرف أي على الأماكن المرتفعة المميزة رجال.   
















      ولو جمعنا بين ما وصل إلينا اليوم من معلومات عن الرياح وتوزيعها وأن هناك تيارات من الرياح على ارتفاعات عالية جدا في الغلاف الجوي وأنها تلعب دورا هاما في إعادة اتزان الطاقة في الغلاف الجوي وذلك في عملية تكون السحب وحركتها, لظهر الآن معنى القسم الكريم: {والمرسلات عرفاً فالعاصفات عصفاً} أي أن القسم بالرياح العلوية المرسلة لما لها من أهمية يعلمها الله ثم أتبعت بالفاء التي تدل على التعاقب مباشرة أي يتلو هذه الرياح العليا (Jet Steram) الرياح العاصفات وهذه تكون على سطح الأرض (شكل 9) أي عندما تتكون هذه التيارات النفاثة العليا فإنها - إن شاء الله - ستتبع فورا بالعاصفات على سطح الأرض, وهذا يحدث فعلا إذا تكونت التيارات النفاثة وهي تكون مصاحبة عادة لالتقاء الكتل الهوائية الباردة والساخنة, وعندما تتكون السحب الركامية والتي بدورها تحدث خطًّا يسمى بخط العواصف وهذا الخط يعرف بـ (Squall line) ( شكل(12 أ)


 الرياح والسحاب:


    يقول الله تعالى: { وهو الذي يرسل الرياح بشـرًا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون} سورة الأعراف آية 57) تبين أن للرياح مركبة أفقية وهي تقوم بعملية سَوْق السحاب ومركبة رأسية وهي المسؤولة عن عملية الرفع للسحب وحملها والمعنى في قوله تعالى: { أقلت سحاباً } من الآية السابقة, وفي قوله تعالى:{ الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون } (سورة الروم - آية 48).


     فالمركبة الرأسية للرياح هي المسؤولة عن إثارة السحاب وإظهاره حيث يبرد الهواء بالارتفاع وبذلك يتكثف بخار الماء غير المرئي فتتكون قطرات الماء فتظهر السحاب, أما المركبة الأفقية فهي المسؤولة عن البسط والانتشار, والمركبة الرأسية للرياح تنشأ عادة بسبب عدم الاستقرار في الكتل الهوائية أو ارتقاء الرياح للجبال الحملية للرياح متوازنة مع قوة وزن السحاب المتجهة إلى أسفل, {أقلت سحابًا ثقالاً} والنتيجة هي أن القوة الأفقية تصبح مؤثرة لتحريك السحاب جانبًا {سقناه لبلد ميت} (شكل 10)


 الرياح على المستوى المحلي:


    الرياح على المستوى المحلي: هي التي تكون على مدى يدخل في نطاق الإدراك البشري عامة, ويرتبط هذا المدى بالتضاريس المحلية, مثل الجبال والتلال, وشاطئ البحر.. إلخ.


    وترتبط هذه الرياح عامة بتأثيرات الحمل والموجات والاضطرابات. وتنتج الرياح الحملية من تسخين الهواء, بحيث يصبح أدفأ من الهواء المحيط به, ثم يصعد الهواء الساخن, ومع الارتفاع يتناقص ضغط الهواء ويبرد, فإذا صعد الهواء بقدر كاف فإن الرطوبة قد تتكثف وتتكون السحب, وإذا كان هناك قدرًا كافيا من الرطوبة وكانت درجات الحرارة في الهواء العلوي المحيط باردة بالقدر اللازم, فقد تتكون سحب حملية, ومثل هذه السحب يمكن أن تنتج رياحًا قوية في تدفقها, مثلما يحدث في هبات الجبهات والنكباء (Turnado), (شكل 9) ومثل هذه الرياح القوية المدمرة, هي تضافر للتيارات القوية, الخارجة من (أو الداخلة في) السحاب, بالإضافة إلى الاضطراب, وقد تكون نفحات(ريح نفوح: هبوب شديدة الدفع (المعجم الوسيط, ج2, ص 938) الجبهات كبيرة جدًّا, وتتوالد في مساحة بعيدة عن العاصفة الأم.


    ورياح نسيم البحر (شكل 10) هي رياح حملية ذات مدى كبير, وتنتج من فروق أفقية كبيرة المدى في درجة الحرارة, مثل تلك التي تحدث على الفواصل بين الأرض والبحر, فيسخن الهواء فوق الأرض ويرتفع, بينما ينساب الهواء الأبرد نسبيا من فوق البحر إلى داخل الأرض, ويحل محل الهواء الساخن المرتفع فوق الأرض فينتج دورة أفقية, ويمكن لهذه الدورة الأفقية أن تنتج خطوطًا من سحب الحمل على طول شاطئ البحر.


    وتعتبر الموسميات أكبر أنواع نسيم البر والبحر مدى, وتحدث عندما توجد دورة حملية كبيرة المدى, بين قارة كاملة ومحيط, وبدرجة كبيرة من التماثل مع نسيم البحر.  


    ودورة رياح الجبل والوادي, مثال آخر على الرياح التي تتولد من اختلافات حرارة سطح الأرض كما هو الحال بالنسبة لنسيم البحر (شكل 11).


    أما أعاصير الهاريكان, فهي عواصف حملية كبيرة جدًا, تحدث حينما يسخن سطح المحيط إلى الحد الذي يبدأ فيه تراكم كمية كبيرة من الهواء الساخن, ويتصاعد فتتكون مجموعة كبيرة من العواصف الحملية؛ على هيئة دورانية دوامية, وتنمو الدورة بسبب قوة كوريوليس (السابق شرحها).


    الشكل الموجي للرياح ينتج من رياح أفقية يعترضها بطريقة ما دفعات رأسية, وتنتج هذه الدفعات عامة من التضاريس أو تيارات الحمل, وأكثر أشكال السحب المتكونة إثارة للنظر ما يحدث قرب الجبال (شكل 11) حينما تدفع سلسلة من الجبال الهواء العابر فوقها بحركة رأسية, وكثيـرًا ما يكون مشهد هذه السحب جذابًا للغاية.


    ومن الممكن أيضًا أن تكون رياح موجة الجبل هذه مدمرة جدًّا, إذا كان ارتفاع قمتها عالية بدرجة كافية لجعل الموجة تصل إلى الأرض, وصادفتها ظروف حرارية مناسبة في الجو, والرياح الناتجة قد تكون قوية جدًّا, بدرجة تدمر المباني والمنشآت, حينما تصل سرعتها إلى أكثر من 100 ميل في الساعة.  
















      وفي كل الأحوال التي توجد فيها رياح قوية, فإن هناك تسربا في القوة على هيئة دوامات اضطرابية, وفي بعض الحالات تظهر سحب موجية خاصة, يكون مظهرها شبيها تماما بالأمواج على سطح البحر, وتبدأ مثل هذه السحب بأسطح عليا ملساء, ثم تتحول إلى أشكال موجية مثل تلك المبينة, وتنتهي بأن تتكسر الأمواج وتصبح حركة اضطرابية غير منتظمة, ويمكن وصف الحركة الاضطرابية بأنها تفتت مجرى الرياح الكبيرة والقوية إلى رياح أصغر وأخف, ويميزها أنها رياح أكثر بعدًا عن الانتظام, وهناك ظاهرة جوية أخرى, تنتج رياحًا سطحية أعلى من المعتاد, وتسبب أيضًا عواصف ترابية, وهي أساس لعملية خلط كبرى, بين التروبوسفير والاسترانوسفير, وهذه الظاهرة هي طية التروبوسفير, وتحدث حينما يكون هناك تفاعل بين تيار نفاث مع تشكيل جبهي؛ لينتج هبوط شديد لهواء عالي السرعة من ارتفاعات عليا إلى السطح (شكل 12), وقد يكون الهواء الناتج ساخنًا جدًّا, وجافاً وسريع الحركة, مما قد تنتج عنه رياح سطحية شديدة, تدوم لفترة طويلة ويمكنها أن ترفع وتثير الرمال لمسافات بعيدة.


ويمكن أن ترفع الرياح - عندما تهب - مواد مثل التراب وبخار الماء في الهواء, وهذا هو تأثير القوة الصاعدة, ثم تقوم الرياح بنقل هذه المواد, من خلال قوى أفقية.


ويصف القرآن الكريم هذه الأحداث إذ يقول تعالى: { والذاريات ذروا فالحاملات وقراً} (سورة الذاريات: 1-2)


المراجع:


1- القرآن الكريم.


2- زاد المسير. ط. المكتب الإسلامي, بيروت.


3- جامع البيان. ط. دار الفكر, بيروت.


4- الجامع لأحكام القرآن. ط. دار إحياء التراث العربي, بيروت.


5- الفخر الرازي. ط. دار إحياء التراث العربي, بيروت.


6- فتح القدير للشوكاني. ط. دار المعرفة, بيروت.


7- ابن كثير. ط. دار الكتب العلمية, بيروت.


8- المعجم الوسيط. ط. دار إحياء التراث الإسلامي, قطر.


 BIBLIOGRAPHY


1 - Whipple, A.C and The Editors of Time Books, Storm. 1982, Time life books, Alexandria, VA.


2 - Halinter, G.J. and Aaltin, F.L, Dynmical and Physical Meteorolgy, 1957, Mcgraw-Hill co., New York.

تاريخ الاضافة: 26-11-2009
طباعة